الخضر و السامري وحكاية الرجل الذي لا يموت!
حكاية الرجل الخالد موجودة في تراث معظم الشعوب
خلق الله آدم و جعل له الحكمة و الإرادة و أورثه الأرض بما عليها ، و كرامة له أمر قيوم السماوات و الأرض الملائكة بأن يسجدوا لهذا المخلوق الكريم ، فسجد الملائكة كلهم إلا ذلك المخلوق الناري عزازيل ، الجني الذي وصل بعبادته لله عز و جل إلى مستوى
الملائكة ، قال له الخالق عز و جل : يا إبليس ما منعك ألا تسجد لمن خلقت بيدي ؟ ، فرد متكبراً : إلهي كيف أسجد لهذا الذي خلقته من الطين ، و أنت خلقتني من النار ؟ و كيف تسجد النار للطين ؟ ، حينها قال الخالق عز و جل : أتعصي أمري ؟ أخرج من السماء مطروداً مذموماً و اللعنة عليك أيها الرجيم ، فرد المطرود من رحمة الله قائلاً : إذن يا رب أطل عمري إلى يوم الدين و اجعلني من
المنظرين ، و سوف ترى كيف اجعل ذرية هذا الطيني يتجرأون على معصيتك و لا يطيعونك ، و يغيرون خلقك و يستحلون ما حرمت و يحرمون ما أحللت ، فأجابه الخالق عز وجل : قد جعلتك يا إبليس من المنظرين إلى الوقت المعلوم ، و من تبعك من ذرية آدم فسوف يكون معك في نار جهنم و بئس المصير .
في تلك اللحظة السماوية وُلِد الصراع بين الخالق و المارق ، بين الكريم و الرجيم ، بين الحق و الباطل ، صراع كان الضمين في عدالته الله رب العالمين ، فالحق له أن يختار جنوده ، و الباطل له أن يختار جنوده ، و من جنود الحق و الباطل من أعطُي طول العمر حتى الوقت المعلوم ، فلا يموتون حتى يشاء الله ، فينتصر الحق على الباطل في المعركة الكبرى النهائية .
هناك مقامات كثيرة تنسب للخضر في العالم الاسلامي .. وتشتهر بالراية او القبة الخضراء .. هنا مقامه المعروف والقديم على نهر دجلة في جانب الكرخ من بغداد
الخضر عليه السلام و السامري هما موضوع مقالي هذا ، شخصان مُد لهما في العمر حتى ذلك الوقت المعلوم ، كلاهما الخضر و السامري قابل موسى عليه السلام في قصتين معروفتين في القرآن ، و كلاهما أتاه الله علماً ، فالخضر وضع علمه في خدمة الحق ، أما السامري فكان الباطل مسلكه و مساره .
الخضر العبد الصالح ، الذي كان له لقاء مع نبي الله موسى عليه السلام ، ليعلمه مما آتاه الله من الحكمة و العلم ، فخرق سفينة المساكين حتى لا يأخذها الملك غصباً ، و قتل الغلام حتى لا يرهق والديه طغياناً و كفراً ، و بنى الجدار المتهالك حتى لا ينهدم فيكتشف الناس مكان كنزٍ كان قد دفنه أحدهم حتى يكبر ولداه فيستخرجانه .
و هكذا قبل أن يلقى الخضر موسى أو بعد ذلك حتى يومنا هذا ، يسير الخضر على نفس النهج من الأعمال المؤمور بفعلها من قبل الله تعالى ، و من المحتمل في يوم من الأيام أنه قدم لك عزيزي القاريء خدمة و أنت لا تعلم ذلك ، أو تحدث معك و نصحك بشيء و أنت لا تعلم أنه الخضر عليه السلام ( كما في هذه القصة من تجارب و مواقف غريبة - من اين اتى وكيف عرف؟ ) ، و قد يكون له تأثير كبير في سير أحداث عظيمة على مسار التاريخ ، أو يكون قد ظهر في شخصيات معروفة كانت لها دور بارز في نصرة الإسلام و أهله ، و تستحضرني قصة لإختلاف علماء و مشائخ دين في مسألة دينية حين ظهر لهم شيخ جليل غير معروف لهم فأفتاهم بفتوى حل لهم هذا الإشكال ثم اختفى كما ظهر .
السامري ظهر عبر التاريخ لاضلال الناس
السامري كذلك مُد له في الحياة ، و قصته معروفة مع بني إسرائيل حين صنع لهم عجلاً له خوار فعبدوه و قدسوه ، فلما رجع موسى عليه السلام من ميقات الله نسف العجل في اليم نسفاً ، و قال للسامري : ما الذي دفعك لهذا أيها السامري ؟ فرد قائلاً : بصرت مالم يبصره غيري من رؤية الملاك ، فقبضت تراباً من تحت قدمه فوضعتها في العجل ، و كذلك سولت لي نفسي أن أُضِل الناس عن عبادة الله تعالى ، فقال له موسى : فأذهب مطروداً و أن لك في هذه الحياة أن تقول لا مساس ، و هكذا يسير السامري على نفس النهج في إِضلال الناس عن عبادة الله تعالى ، و قد يكون له تأثيرات في أحداث تاريخية لأجل نصرة الشيطان و حزبه ، و قد يكون له ظهور في شخصيات عملت لإفساد العالم دينياً و أخلاقياً .
و من بين هذه الشخصيات الغامضة التي قد يكون ظهر بها السامري شخصية الكونت سان جيرمين الذي شوهد لأول مره في عام 1710 م في فينيسيا ، و كان له مظهر رجل عمره بين الـ 40 و الـ 50 عاماً ، و الذي لم يكشف أصله إطلاقاً حتى لأقرب المقربين إليه ، و عُرف بإسم (سان جيرمين الذي لا يموت) ، و قال في مرة و هو يعرف عن نفسه للآنسة دي بومبادور عشيقة لويس السادس عشر : يا مدام أنا قديمُ جداً ، كذلك لم يره أحد قط يأكل أو يشرب و قد يكون هذا معنى لقول موسى عليه السلام ( لا مساس ) .
الكونت سانت جيرمان .. تدور حوله اساطير كثيرة
وكان الكونت صديقاً مقرباً للويس الخامس عشر ، و عند بداية عهد لويس السادس عشر صدرت أوامر بالقبض عليه لما كان له من دور مشبوة في زعزعة نظام الحكم في فرنسا لكنه اختفى فجأة ليظهر في دول أخرى كإنجلترا و النمسا و روسيا .
أعُلن عن موته في عام 1784م ، لكنه فجأةً ظهر في عام 1788م كممثل فرنسي رسمي على الإتفاقية العالمية الماسونية ، و المفاجأة التي صرح بها جميع من إلتقى به من قبل عشرات السنين أنه لا يكبر أبداً في العمر ، و آخر ظهور له كان لقائه مع صديقته العجوز الكونتيسة أديمار عام 1821 م و التي قالت عنه : لا يبدو عليه أثر مرور السنين .
أدعى أحدهم أنه لقيه في عام 1970 م . قيل عنه أنه كان إبناً ليهودي برتغالي ، لكن في الحقيقة لا يدري أحد أصله و من أين أتى ، من عام 1710 م حتى عام 1821 م ظل له مظهر رجل بين 40 و 50 عاماً !!
المصادر :
- السامري - ويكيبيديا
- Count of St. Germain - Wikipedia
- Saint-Germain: The Immortal Count
لكل سؤال أو إضافة، يرجى كتابة تعليقك في الخانة اسفله